Friday 7 October 2011

دخول يوتوبيا بــ2 جنيه فقط


دخلت اليوم يوتوبيا بجنيهين فقط…
دخلتها بنية التعلم من كتبها،
لكني تعلمت أكثر من أهلها…
إنها مكاني المفضل على كوكب الأرض: مكتبة الإسكندرية…

كنت جالسة أقرأ كتابي،
فجلست بجانبي فتاة لا تتعدى العشرين من عمرها،
بيدها كتاب ضخم، عنوانه: سلطات الرئيس بين النظامين الرئاسي و البرلماني.
هي تريد أن تفهم، ألا تكون مغيبة، ألا يُضحك عليها، كما حدث في السابق…
صادف أن كتب على قميصها Free 
نعم إنها حرة…
فمع الوعي تأتي الحرية..!!

بعد قليل، انضم لطاولتنا طالبة و مدرسها، و كانا يتدارسان الإقتصاد، فبعد شرح مطول، قال لها:”احفظيها هكذا! ستأتي في الامتحان هكذا!” فردت عليه:”خلّنا من الامتحان الآن… اشرحها لي أرجوك، أريد أن أفهمها…”
هذه هي الطريقة الوحيدة للتعلم الصحيح…
العلم ليس منهجا يوضع في حافظة ذاكرتك ثم يُمحى بعد الفراغ من الامتحان…
بل يجب أن تحبه، و أن يختلط بكل ذرات كيانك، حتى تستطيع أن تفيد به نفسك و أمتك و تقودها إلى الحرية…
فمع العلم تأتي الحرية..!!

مدرس الاقتصاد ذاته، علا صوته و هو يشرح…
أصبح عاليا بطريقة مزعجة…
فقام شاب، و ربت على كتف المدرس، و بابتسامة مهذبة قال:
“بعد إذنك يا فندم، لو حضرتك تخفض من صوتك قليلا أكون شاكرا لك…”
سعدت أن أحدا كان إيجابيا،
فهو لم يكتف بالتأفف و التضجر ككثيرين – للأسف منهم أنا - بل قام بخطوة عملية وإيجابية…
و مع الإيجابية تأتي الحرية..!!

بعد قليل، رن هاتف محمول، فسارع صاحبه باطفائه، و نظر لمن حوله، و قال بصوت خجلان: “متأسف يا جماعة!”
متأسف؟ ظننت أن الاعتذار عادة انقرضت…
لا، ما زالت الدنيا بخير…
لاحظ الرجل أنه آذى الناس و لو بشيء بسيط، فسارع بالاعتذار…
هذ هو الرقيّ…
و مع الرقي و الأخلاق تأتي الحرية..!!

فرد الأمن… عادةً لا نوليه اهتماما، لكن هذا كان ملفتا…
ظل يدور و يدور بلا كلالة في المكتبة،
قال له صاحبه:”تعال معي، نستنشق بعض الهواء ثم نعود!”
رد عليه: “استراحتي الساعة الثانية، سأخرج حينها…”
هذا هو الانضباط و الاتقان المطلوبين للتقدم
و مع الانضباط تأتي الحرية..!!

غمرتني السعادة حين رأيتهم…
و بالذات لأن رؤيتهم تزامنت مع قراءتي عن (المواطنة)،
الحقوق و الواجبات،
الكل يريد الحقوق،
لكن الواجبات…
الحمد لله! ها قد وجدت أناسا يؤدونها.
و كما حدثني صديقي الكتاب:
المواطنة ليست فقط علاقة الفرد بالدولة،
بل تشمل أيضا علاقة الفرد بالفرد على أرض الوطن،
و قد وفّوا في الجانبين…

تمنيت لو أن دائرة يوتوبيا التي كنت فيها تتسع شيئا فشيئا،
فتشمل مصركلها، بل العالم العربي و الاسلامي بأسره،
و أملي بالله كبير…
أن تأتي الحرية..!!

1 comment: