Monday 18 February 2013

رائحة الصباح


أستيقظ في الصباح الباكر وأنزل إلى الشارع والشمس قد أرسلت أشعتها ولكنها لم تظهر هي بعد. آخذ نفسًا عميقًا لأشم "رائحة الصباح" كما يصفها لنا شعراء الرومانسية. إذا فعلت مثلي وأنت من سكان إحدى العواصم العربية المكتظة فأنت تعلم باقي الحكاية. تصيبك نوبة من السعال لأنك لن تشم إلا رائحة العوادم. وربما في بعض المدن ستزعجك مناظر مكبات النفايات المفتوحة. ولن يفاجئك أن تعلم أن معظم الأمراض المزمنة والأورام التي تؤرق المرضى والعاملين في الصحة والبحث العلمي يدخل في مسببتها عوامل بيئية كتلوث الهواء والماء والإشعاعات.

تعجب الكثيرون من ازدياد حرارة الصيف وبرودة الشتاء في السنوات الفائتة، لكن هذا بالضبط ما تنبأ به علماء المناخ: إذا لم نقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ستتفاقم أزمة تغيّر المناخ – مع وضع مائة خط تحت كلمة أزمة. ولن تقتصر الأزمة على درجة الحرارة فقط بل سيؤدي إلى جفاف بعض الأراضي وغرق بعض السواحل. الضرر هذه المرة لن يقع على فرد دون آخر بل على شعوب بأكملها.


لم تكن هذه دعوة للتشاؤم ولكن تنبيه لحقائق علمية وإجابة مختصرة لسؤال: لماذا قد أهتم بالبيئة؟
الآن لماذا أنا؟ ولماذا أنت؟ لماذا نحن كأفراد؟ ولماذا لا نتركها للمؤسسات الكبيرة والحكومات والعلماء؟

كانت دائمًا مشكلة البيئة مطروحة على طاولة النقاش في الغرف المغلقة بين الحكومات وصناع القرار ولم يتم إشراك الشعوب أو تثقيفها كما يجب في هذا المجال، وهذا بالتحديد –في إعتقادي- هو سبب وصول البيئة في العالم العربي إلى هذه الدرجة من الإهمال. يجادلني الناس دائمًا في أن جل ما نفعله لن يغير في الميزان شيئا، ولكن... تخيل: قرش في يدك لا يساوي شيئًا، لكن لو اجتمع 5000000000 شخص في يد كل منهم قرشًا تصبح القروش ثروة! كذلك الحال إذا تحدثنا عن الانبعاثات الناتجة عن حياة كل فردٍ منّا: ربما تشعر أن تقليل استهلاكك من الكهرباء أو الماء أو الوقود ليس ما سينقذ الكوكب وأنّك لن تكون البطل. لكنك مخطئ! لأن إنقاذ العالم هذه المرة ليس كما تصوره الرسوم المتحركة لن يعتمد على بطل واحد ذي قوى خارقة، بل يعتمد على الأبطال مثلك الذين لا يملكون قوى خارقة سوى إيمانهم بحجم التغيير الذي قد يحدثه بعض الأفراد الواعين المتحمسين.


أطفئ كل الكهرباء التي لا تلزمك في ساعة الأرض التي توافق الساعة الثامنة والنصف من يوم 23 مارس القادم، وأخبر كل أهلك وأصحابك ليصبح القرش على القرش على القرش ثروة. ومن يعلم؟ ربما سنشم رائحة الصباح يومًا ما...


No comments:

Post a Comment