من مقدمة كتاب "بغداد" للشيخ علي الطنطاوي متحدثًا عن أحد تلامذته:
" كان طالبًا في الشهادة الثانوية سنة 1936م، فلما نالها دخل الكلية العسكرية، فتخرج فيها و تدرج صاعدًا في الرتب العسكرية حتى صار عقيدًا (كولونيل)، فحدثت أحداث في العراق اضطرته إلى ترك العسكرية، فماذا صنع؟
هل قعد في بيته يبكي ما فقد، يندب ماضيه يائسًا من مستقبله؟
إن أصحاب الهمم العالية إذا هبطوا الجبل من جانب قاموا يحاولون صعوده من الجنب الآخر، لأنهم لا يطيقون البقاء في الحضيض بل يبتغون المعالي أبدًا؛
فدخل كلية الحقوق، فدرس فيها ونال شهادتها وصار محاميًا، ونجح في المحاماة، فحدثت أحداث اضطرته إلى ترك بغداد كلها، فهل يئس؟
إنه مؤمن، أشهد بإيمانه من يوم كان طالبًا يقعد بين يدي، والمؤمن لا ييأس من روح الله، وإذا ضاقت به بلاد العرب فإن : في الأرض منأى للكريم عن الأذى.
فسافر إلى النمسا وتعلم لسانها، ودخل كلية الطب و تخرج طبيبًا وقد تجاوز عمره الستين، ولم ينقطع خلال هذه المدة من مراسلتي والاتصال بي، يرسل إليّ من الأدوية ما يفيد أمثالي في شيخوخته (إن لم يكن شيء يردّ إلى أمثالي شبابهم الذي ولّى)، وقد رأيته في الحج من سنوات قليلة، زارني في داري في مكة. هل عرفتموه؟
إنه العقيد المحامي الطبيب جهاد عبد الوهاب ... "
:))
ReplyDelete