من سيرة حياة العالمة البولندية (ماري كيوري) ..
كان هناك نوعان من المدارس في بولندا: مدارس بولندية خاصة و مدارس حكومية. قبل الحرب العاالمية الأولى كانت بولندا مقسمة لثلاثة أقسام محكومة بـ 3 دول استعمارية : روسيا والنمسا وبروسيا. قام البولنديون بعدة انتفاضات لكن ذلك لم يؤدي إلا للمستعمرين أن أحكموا قبضتهم أكثر و أكثر، وخاصة المستعمر الروسي، و الذي كان يحكم المنطقة التي بها وارسو حيث سكنت ماري. كانت مهمة الروس تحويل الشعب البولندي إلى "شعب روسي"، و كان يعتمدون في ذلك على سحق لغتهم ودينهم وحرية تعبيرهم سواء في الإعلام أو في الأدب.
سُمح للمدارس الخاصة أن تستمر شريطة أن تُدرّس المناهج الروسية وباللغة الروسية فقط، وكانت الحكومة الروسية ترسل المفتشين إلى المدارس حتى تتأكد من عدم وجود "تمرّد"، لكنّ التمرّد كان موجودًا..
عندما كانت ماري طالبة في إحدى هذه المدارس الخاصة في العاشرة من عمرها كانت لها معلمة اسمها الآنسة توبالسكا و كانوا ينادونها توبيسا. وجدت توبيسا في نفسها الشجاعة لتقوم بعمل تمرديّ.. درّست لفصلٍ يحوي 25 فتاة .. التريخ البولندي.. وباللغة البولنديّة! وفجأة دق جرس.. هرعت الفتيات إلى مكتب المعلمة يخفين الكتب البولندية. دخل السيد هورنبيرج مفتش الحكومة ليجد توبيسا تقرأ للفتيات قصص خيالية .. روسية..
وكان من عادة المفتشين أن يقوموا بفحص بعض أدراج الطلبة بشكل عشوائي.. ثمّ طلب السيد هورنبيرج من توبيسا أن تنادي على إحدى طالباتها .. لتتلو الصلاة .. باللغة الروسية.
اختارت توبيسا ماري.
قامت ماري.
تلت.
وشعرت بذلٍ لم تشعر به قبلا، صعبٌ جدا على كاثوليكية بولندية أن تتلو الصلاة بلغة "عدوهم".. بعد أن انتهت سألها المفتش أن تقول كل أسماء حكّام روسيا على مرّ التاريخ.
ثمّ سألها: "من يحكمنا؟"
لم تستطع الرد.
كرر السيد هورنبيرج السؤال
فجاوبت بمرارة :"جلالته الاسكندر الثاني"
خرج المفتش راضيا وانفجرت ماري في البكاء. ضمّتها توبيسا.
لم تكن روسيا تعلم أنّ هذا التعسّف كان أقصر طريق لصناعة جيل من الوطنيين.
كانت ماري قبل التحاقها بالجامعة تدرس البولندية سرًا وبلا أجر.
وعندما أنجبت ماري، أصرّت أن تعلّم أولادها البولندية رغم عيشها في فرنسا وزواجها من رجل فرنسي.
الانتماء لا يموت بسهولة.. لسوء حظ الطغاة!
ملحوظة: كانت ماري كيوري متقنة لـ5 لغات رغم افتخارها بلغتها..
No comments:
Post a Comment